معنى غسيل الأموال
ما معنى غسيل الأموال ؟ وما هي الأدوات المستخدمة في غسل الأموال؟ وما هي المراحل المتبعة مِن أجل غسل الاموال؟ هل غسيل الأموال له آثار سلبية أم إيجابية على الاقتصاد المحلى والإجمالي؟ وكيف يُمكن للدولة والجهات المعنية التصدي لانتشار هذه الظاهرة؟ هذا ما سنتناوله بالشرح في هذا المقال.

نبذة حول غسيل الأموال
تُعرَّف عملية غسيل الأموال بأنَّها الطريقة التي يتم إتباعها مِن أجل تحويل كميات كبيرة مِن الأموال التي يتم تحصيلها بالطرق غير القانونية إلى أموال قانونية قابلة للاستخدام في مجال التداول والأنشطة العامَّة. وُيعرَّف أيضاً بأنَّه الطريقة التي يتم اللجوء إليها مِن أجل استثمار الأموال غير المشروعة في مشاريع قانونية؛ وذلك لإخفاء المصدر الأساسي التي يتم الحصول منه على تلك الأموال.
ويتم الحصول على الأموال غير القانونية (غير الشرعية) مِن الاتجار بالممنوعات، مِن المخدِّرات، والرشوة، وبيع أعضاء الإنسان الأساسية، وتجارة الأسلحة، والقطع الأثرية الهامَّة التابعة للدولة، وأيَّ أموال غير قانونية يتم الحصول عليها مِن مصادر غير مباحة لدى الدولة ويعاقب عليها.
سمع الكثير منا بمصطلح غسيل أو تبييض الأموال، إلا أنَّ البعض غير مدركٍ لألية ذلك، والطرق المستخدمة في إخفاء المصادر الأساسية التي يتم الحصول على الأموال غير المشروعة منها.
طرق وأدوات غسيل الأموال
تتنوع الأدوات التي يستخدمها مجرمو غسيل الأموال، والتي قد تكون بسيطة وبدائية، أو متطورة عن طريق الحوالات المالية، والتكنولوجيا العصرية، ومَن أشهر ما عُرف مِن أدواتٍ في غسيل الأموال ما يلي :
- التجارة المحرَّمة دولياً : وهي أحد أهم الأدوات التي تُستخدم في غسيل الأموال، وتعني استغلال كافَّة الوسائل التجارية مِن أجل تحويل الأموال الغير قانونية إلى بضائع متاحة يُمكن الإتجار بها بيعاَ وشراءً دون أن يعاقب عليها القانون، وهنا لنفترض أن أحد تجار الأسلحة قام ببيع كميات كبيرة منها إلى أحد الجماعات الإرهابية بمبلغ 5 مليون دولار أمريكي، وأراد أن يحوِّل هذه المبالغ الضخمة إلى بلده، في الوضع الطبيعي فإنَّ هذا المجرم لن يستطيع تحويل هذه الأموال دفعة واحدة؛ وذلك لوجود سقف مالي يومي اتفقت عليه الدول للتحويلات المالية الخارجية، والتي لا تتجاوز في الغالب 10 آلاف دولار أمريكي للشخص الواحد في اليوم، وبالتالي يتم الاستعانة بشراء بعض البضائع التجارية مرتفعة الثمن، مشروعةٌ قانونياً، يتم شحنها إلى البلد وبيعها، ولدحض الشبهات التي قد تلاحق المشتري، فإنَّه يقوم بتخليص ما على تلك البضائع مِن جماركٍ أو حقوق للدولة بصفته تاجراً يلتزم بالقوانين.
- الاستعانة بالمؤسَّسات المالية : يلجأ بعض المتعاملين بالأموال غير القانونية إلى غسلِ أموالهم عن طريق عقد اتفاقية مع مؤسسات مالية ذات رؤوس أموال ضخمة، وينصُّ على استخدامها لتلك الأموال في أعمالها التجارية الدولية مِن أجل إضفاء صفة قانونية على تلك الأموال، ومِن ثمَّ تحويلها إلى الداخل، وهذا ما يساهم في تسهيل عملية تحويل الاموال غير القانونية إلى أموال مغسولة.
- التَّأجير والإقراض : تتشابه هذه الأداة مع سابقتها في أنَّها تعمل على إيداع الأموال غير المشروعة في مشاريع قانونية مِن أجل استثمار الأموال، فيقوم البعض بشراء عقارات ضخمة مِن أجل تأجيرها للأفراد والمؤسسات الخارجية، ومِن ثمَّ الحصول على مبالغ شهرية قانونية مِن جرَّاء تأجيرها، كما ويلجأ البعض الآخر إلى تقسيم تلك المبالغ الضخمة إلى أقسامٍ عديدة تقدَّم على هيئة قروض بنسبة فائدة، وبذلك يتم تحويل الأموال غير القانونية إلى أموال يسمح بها القانون.
- الأسهم والسندات : هي أحد الوسائل الإلكترونية الحديثة التي يتَّبِعُها مهرِّبي الأموال في غسل أموالهم، وتعتمد بشكلٍ أساسي على إيداع تلك المبالغ في شراء أسهم وسندات تقوم بعرضها الشركات الدولية، ومِن ثمَّ الحصول على أرباح تلك الأموال.
خطوات غسيل الأموال
بعد أن تمَّ توضيح الطرق التي يتم مِن خلالها تحويل الأموال الغير قانونية إلى أموال مشروعة الاستخدام، فإنَّنا في صدد بيان التسلسل التي يتَّجه إليه مجرمو الأموال في غسل أموالهم، فهم يتَّبعون أربعة مراحل كالتالي :
- تحويل الأموال : أُولى الخطوات في غسيل الأموال وأكثرها أهمِّية هو التخلص مِن الصفة غير القانونية للأموال مِن خلال إيداعها في مصارف مالية، أو مشاريع استثمارية دولية، وبهذا يكون قد أبعد عن نفسه الشبهة، وقام بتبديل الأموال التي حصل عليها.
- توزيع الأموال : غالِباً في المبالغ التي يحصل عليها أولئك المجرمون تكون عالية القيمة، ولا يمكنهم استثمارها في مشروعٍ واحد، وبالتالي فإنَّهم يقومون بتجميع تلك الأموال في مشروعات عديدة تستوعب تلك المبالغ، فيحافظون عليها، ويحصلون على غطاءِ تمويه يُعمي عنهم الأبصار والشَّك.
- دمج الأموال والأرباح : أخيراً فإنَّ تلك الأموال المستثمرة ينتج عنها أموال قانونية في نظر الدولة، وبالتالي فإن دمج تلك الأموال مع غير القانونية يساهم في تغطية غير الشرعي منها.
الآثار الناتجة عن غسيل الأموال
يعتبر غسيل الأموال أحد الجرائم التي يعاقب عليها القانون ويعمل على الحدِّ مِن انتشارها؛ لما لها مِن تأثير سلبي على اقتصاديات الدُّول، فهي أحد الممارسات التي تتيح الفرصة للمجرمين فرصة إخفاء مصادر الأموال الغير قانونية مِن خلال دمجها داخل مجموعة مِن النَّشاطات العامَّة، كما وتساهم في توسيع أعمالهم الضَّارة.
مِن الناحية الاقتصادية فإنَّ غسيل الأموال يضر بمصالح صغار المستثمرين الذين يعتمدون على جني الأموال مِن مصادره القانونية المشروعة، وذلك مِن خلال منافسة أولئك المجرمين لهم بأموالهم غير القانونية عالية المبالغ، ودمج رؤوس أموالهم في سوق العمل، ما قد يترتب عليه تراجع الاستثمار والتنمية داخل الدولة، والتأثير على قوَّة العملات المحلية مِن جهة الطلب والعرض عليها.
أمَّا مِن الناحية السِّياسية فإنَّ انتشار مثل أولئك المجرمين في الدولة يعمل على تهديد الامن السياسي لها؛ مِن خلال انتشار أموالهم المشبوهة التي تحتاج إلى الملاحقة الدائمة، فهم أكثر فئات المجتمع تطاولاً على القانون، كما وقد يصل الأمر إلى فساد أُولي الأمر مِن الساسة ودخولهم في هذه المعاملات السهلة لهم مقارنة بغيرهم.
لم تسلم المجتمعات المدنية مِن الآثار السلبية الناتجة عن انتشار مجرمو غسيل الأموال في الدول، فهم من ناحية يهتمُّون بزيادة رؤوس أموالهم بالطرق غير المشروعة، والتجارة المحرَّمة دولياً، وبالتالي فإنَّ معظم ما يتاجرون به بأموالهم هي المخدرات التي قد تطول فئةً كبيرة من الشباب.
مكافحة ظاهرة غسيل الأموال
تعمل جميع دول العالم جاهِدَاً مِن أجل التَّخلص مِن ظاهرة الأموال غير القانونية وغسلها، فقامت بعضها بتخصيص وحدات جنائية لملاحقة أولئك المجرمين، ومحاسبتهم، وسعت أخرى لعقد اتفاقات دولية، ونصوص قانونية تمنع غسل الأموال، وتُحاسب المتعاملين فيه، كما وأصدرت دولٌ أخرى سياسات تُجبر المصارف والمؤسسات المالية بأحد إجراءات رقابية على الأموال المنقولة، والمودعة.
مواضيع متعلقة
التعليقات
- لا يوجد تعليقات حتى الأن ، بادر بكتابة تعليق جديد!