ما حكم الختان للذكور والإناث
شرع الإسلام العديد مِن سنن الفطرة التي فيها طهارةٌ ونقاءٌ للمُسلم في جسمه، ومظهر شكله، مما يعود عليه بالصحة، وكان أول تلك الخصال وأهمُّها الختان؛ حيث ابتدأ به نبيُّنا الكريم في قوله صلى الله عليه وسلم (خَمسٌ مِن الفِطرةِ : الختان، والاستحداد، وقلمِ الأظفر، وقص الشارب، ونتف الإبط).

يتوجب على الإنسان المسلم الانصياع لأوامر الله عز وجل، ومِن ناحية الحكم الشرعي لسنن الفطرة وخصالها، فيختلف الحكم في كلِّ خِصلةٍ مِن ناحية الوجوب والاستحباب، وفي هذه المقالة سنبحث في واحدةٍ منها وهي : الختان، فما هو حكم الختان؟ هل هو واجب على الذكور والإناث؟ هل يستحب الختان ؟ وما هي فوائد الختان؟.
تعريف الختان في الإسلام
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم سنن الفطرة بالختان، ويقصد بالختان الشرعي : قطع القلفة السائرة لحشفة الذكر فقط، وقطع الجلدة التي تكون في أعلى فرج المرأة أعلى مدخل الذَّكر بشكلِ نواةٍ أو عُرف ديك، ويتم ختان المرأة بقطع الجزء المستعلي مِن تلك الجلدة دون استئصالها بالكامل، أمَّا مَن يسلخ الجلد الذي يحيط الذكر، أو يسلخ الذكر كله – كما في بعض الدول المتوحشة – ويزعمون جهلاً منهم أن هذا هو الختان المقصود في الشرع، إنَّما هو تشريعٌ مِن الشيطان زينه للجهال، وتعذيب للمختون، ومخالفة للسُّنة المحمدية والشريعة الإسلامية التي جاءت بالتيسير والتسهيل والمحافظة على النفس.
وهذه الطريقة في الختان محرَّمٌ؛ لعدَّة وجوه، منها :
- ما ورد في السُّنة هو قطع القلفة السائرة لحشفة الذكر فقط.
- أن هذه الطريقة في الختان فيها تعذيبٌ للنفس، وتمثيلٌ بها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة، وعن صبر البهائم والعبث بها، أو تقطيع أطرافها، وحرمة التعذيب لبني آدم محرَّمٌ مِن باب أولى، وهو أشدُّ إثماً.
- هذه الطريقة في الختان تخالف الإحسان والرفق الذي حثَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ” إن الله كتب على نفسه الإحسان على كلِّ شيء”.
- إن هذه الطريقة الخاطئة قد تؤدِّي إلى السراية وموت المختون، وذلك لا يجوز؛ لقوله تعالى { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُم إِنَّ الله كَانَ بكم رَحِيْمَا}، ولهذا نصَّ العلماء على أنَّه لا يجب الختان الشرعي على الكبير إذا خيف عليه الموت.
حكم الختان في الإسلام
اتفق الفقهاء على مشروعية الختان؛ كونه أحد سنن الفطرة التي حثَّ الدين الحنيف على القيام بها بالطريقة المشروعة، والتي أشار إليها نبيُّنا الكريم في عددٍ مِن الأحاديث المتواترة في نقلها عنه صلى الله عليه وسلم حيث قال : (خَمسٌ مِن الفِطرةِ : الختان، والاستحداد، وقلمِ الأظفر، وقص الشارب، ونتف الإبط)، ومع هذا فإن الفقهاء قد اختلفوا في حكم الختان للذكر والأنثى بين الوجوب والاستحباب، وفيما يلي مذهبهم في ذلك :
حكم ختان الذكور
تباينت أحكام العلماء الفقهية في وجوب ختان الذكور أو استحبابها، فأوجبه الشافعي، والحنبلي، وشدد في وجوبه المالكي؛ فلم يُجز إمامة غير المختون، ولم يَقبل شهادته، أمَّا أهل المذهب الحنفي والحسن البصري فقد اعتبره سُنة على الذكور، إلا أن السُنة عندهم يأثم تاركها فهم يطلقونها على مرتبةٍ بين الفرض والندب.
إلا أن الراجح في ذلك ما قال به ابن باز أن الختان مِن سنن الفطرة، إلا أنَّها واجبةٌ على الذكور المسلمين، وسُنة ومكرمة لغيرهم.
حكم ختان الإناث
ختان الإناث مستحب وليس بواجب إذا وُجد من يُحسن ذلك مِن الأطباء أو الطبيبات، فهو سنة ومكرُمة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ( الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وقلم الأظافر، ونتف الإبط)، فالحديث يعمُّ النِّساء والرِّجال ما عدا قصِّ الشارب فهو مِن صفة الرِّجال.
ولم يقل بوجوب ختان النساء والرِّجال على حدٍّ سواء سوى الإمام أحمد بن حنبل.
فوائد الختان للذكور والإناث
أثبت الطبُّ الحديث أن للختان آثاراً وفوائد كثيرة تتعلق بالوقاية مِن أمراضٍ عديدةٍ قد تكون مُهلكة لغير المختونين، ولم يتوقف الكلام في منافع الختان على ذلك، بل تمَّ تدعيمه بمجموعة مِن الدراسات الطبية التي تؤكد ذلك، وهذه بعض الأمراض التي يقي الختان منها :
- الختان يقي مِن الالتهابات : تعتبر الحشفة الداخلية التي تحيط بذكر الرجل أحد أكثر المناطق الخصبة لتجمع القاذورات المحفِّزة لتواجد الجراثيم بأنواعها المختلفة، مما يسبب التهاب تلك المنطقة، ويَصعُب تنظيف تلك البقعة بوجود الجلدة التي لا تزال إلا بالختان، فإن أُصيب الرَّجل بتلك الالتهابات فلا بدَّ مِن العودة إلى الختان كعلاج أساسي ولا غنى عنه؛ لذلك يقي الختان في مرحلةٍ مبكرة من العمر مِن الإصابة بهذه الالتهابات من خلال إزالة الجلدة التي تغطي مناطق التجمع.
- الختان يقي مِن التهاب المسالك البولية : أصبح اللجوء إلى الختان ضرورة علاجية لا بدَّ منها، فإن لم يلجأ الشخص إلى الختان في مراحل عمره المبكرة، فإن الأمر قد يزداد في السوء إلى أن يصل إلى المسالك البولية مسبباً لها الالتهابات، فإن تمَّ الختان قبل بلوغ الصبي ففي ذلك الوقاية له مِن الإصابة بالتهابات المجاري البولية، وقد أُجريت دراسةٌ على الأطفال تبيَّن فيها أن ما نسبته 95% مِن الأطفال المصابين بالتهاب المسالك البولية هو مِن فئة الأطفال غير المختونين، ومع طول فترة الإصابة بذلك الالتهاب قد يُصاب الطفل تجرثُم الدم، ومِن ثمَّ الفشل الكلوي.
- الختان يقي مِن الأمراض الجنس : يقي الختان الذكور والإناث مِن الإصابة بالأمراض الجنسية مِثل العقبول الجنسي، وأمراض السيلان، وسرطان عنق الرحم، وقد أثبتت الدراسات أن هذه الأمراض تنْذُر في المجتمعات الإسلامية بالمقارنة مع المجتمعات الغربية؛ وذلك لانتشار الختان، وقلَّة الفواحش.
مسائل فقهيه أُخرى في الختان
تُطرح الكثير مِن الأسئلة التي تتعلق بالختان، وهذه أكثر المسائل المتداولة وحكمها الفقهي حسب ما جاء لدى الإمام ابن باز:
- حكم الاحتفال لختان الذكور والإناث : أمَّا التجمع رجالاً ونساءً في يومٍ معلوم لحضور الختان وإيقاف الولد متكشفاً أمامهم فهذا حرام؛ لما فيه مِن كشف العورة التي أمر الدين الإسلامي بسترها ونهى عن كشفها، كما أن هذا التجمع يولِّد الاختلاط بين الرِّجال والنساء دون حاجةٍ شرعية تبيح ذلك، وهذا ما قد يترتب عنه الفتنة، ومخالفة الشرع المطهر، وليس للختان في الإسلام احتفال، أمَّا عن تأجيل ختان المولود إلى يوم ذِكرى المولد النبي الشريف مع الاحتفال به ذلك اليوم فهذه بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد”.
- هل الختان له وقتٌ محدد : ليس للختان وقت محدد فيما نعلم مِن الشرع المطهر، ولكن كلما كان في الصغر فهو أولى وأسهل على الطفل والطفلة، وبهذا فإنَّه لا مانع مِن الختان في سن الرضاع وما بعده، وبما أنَّ ختان الطفل سُنة، فلا يحرم تقديمه على اليوم السابع ولا يكره، ولا يحرم تأخيره عنه ولا يكره، والأمر في ذلك واسع مع مراعاة مصلحة الطفل.
- مَن أسلم كبيراً، هل يلزمه الختان : يراعي الإسلام مصلحة المسلمين في كافَّة مراحل حياتهم، ومِن هذا مدى وجوب الختان على الرَّجل الذي أسلم في عمرٍ متأخرة ولم يُختتن، وبهذا نقول : إذا شقَّ عليه الختام بعدما أسلم لكِبر سنِّه فلا يكلف به؛ وذلك خشية أن يكون ذلك مما يسبب عدم دخوله في الإسلام، أمَّا إن رأى ذلك يسيراً على نفسه فلا حرج فيه، فهو مِن السُنة.
- جمع النقود فرحاً بالختان : اعتاد بعض المسلمين على جمع النقود مِن أجل إعطائها للمولود في يوم ختانه، وفي هذا فإنَّنا نقول : جمع النقود يوم ختان المولود بدعةٌ محرَّمة لا أصل لها.
مواضيع متعلقة
التعليقات
- لا يوجد تعليقات حتى الأن ، بادر بكتابة تعليق جديد!